الشيخ محمد صالح المنجد
الحمد لله
نعم الأمثلة توضّح المقصود وتجلّيه ولذلك ننتقل إليها مباشرة وننقل بعضا من أهمّ ما ذكره أهل العلم وأئمة الدّعوة من صور الموالاة الكفار:
ـ الرضا بكفرهم أو الشك فيه أو الامتناع عن تكفيرهم أو الإقدام على مدح دينهم قال الله - تعالى -عن كفر الراضي: (ولكن من شرح بالكفر صدرا). وقال - تعالى -موجبا ومشترطا الكفر بالطاغوت: (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى). وقال عن اليهود في تفضيلهم المشركين على المسلمين: (ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا).
ـ التحاكم إليهم: كما في قوله - تعالى -: (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أُمروا أن يكفروا به)
ـ مودتهم ومحبتهم، قال - تعالى -: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادُّون من حاد الله ورسوله..الآية)
ـ الركون إليهم والاعتماد عليهم وجعلهم سندا وظهيرا، قال - تعالى -: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار).
ـ إعانتهم ومناصرتهم على المسلمين.قال الله - تعالى -: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) وقال عن الكفار: (بعضهم أولياء بعض). وقال: (ومن يتولّهم منكم فإنه منهم).
ـ الانخراط في مجتمعاتهم والانضمام إلى أحزابهم وتكثير سوادهم والتجنُّس بجنسياتهم (لغير ضرورة) والخدمة في جيوشهم والعمل على تطوير أسلحتهم.
ـ نقل قوانينهم وتحكيمها في بلاد المسلمين، قال - تعالى -: (أَفَحُكم الجاهلية يبغون)
ـ التولي العام لهم واتخاذهم أعوانا وأنصارا وربط المصير بهم، قال الله - تعالى -ناهيا عن ذلك (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. بعضهم أولياء بعض).
ـ مداهنتهم ومجاملتهم على حساب الدين، قال - تعالى -: (ودوا لو تدهن فيدهنون). ويدخل في ذلك مجالستهم والدخول عليهم وقت استهزائهم بآيات الله، قال الله - تعالى -: (وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُسْتهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم).
ـ الثقة بهم واتخاذهم بطانة من دون المؤمنين وجعلهم مستشارين. قال - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودُّوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون. ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضُّوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور. إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها}
وعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ بَدْرٍ فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَأَوْهُ فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جِئْتُ لأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ لا قَالَ فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ قَالَتْ ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ قَالَ فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ قَالَ ثُمَّ رَجَعَ فَأَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَانْطَلِقْ. " رواه مسلم 3388.
ومن هذه النصوص يتبين لنا تحريم تولية الكفار الأعمال التي يتمكنون بواسطتها من الاطلاع على أحوال المسلمين وأسرارهم ويكيدون لهم بإلحاق الضرر بهم.
ـ توليتهم المناصب الإدارية التي يرأسون بها المسلمين ويذلونهم ويتحكمون في رقاب الموحدين ويحولون بينهم وبين أدائهم عباداتهم. قال الله - تعالى -(ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا)، وروى الإمام أحمد عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قلت لعمر - رضي الله عنه -: لي كاتب نصراني، قال: مالك قاتلك الله، أما سمعت قول الله - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض} (المائدة: 51) ألا اتخذت حنيفاً، قلت يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه، قال: لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله.
وكذلك جعلهم في بيوت المسلمين يطلعون على العورات ويربون أبناء المسلمين على الكفر ومن هذا ما وقع في هذا الزمان من استقدام الكفار إلى بلاد المسلمين وجعلهم عمالاً وسائقين ومستخدمين، ومربين في البيوت وخلطهم مع العوائل والأسر المسلمة.
وكذلك ضمّ الأولاد إلى المدارس الكفرية والمعاهد التبشيرية والكليات والجامعات الخبيثة وجعلهم يسكنون مع عوائل الكفار.
ـ التشبه بالكافرين في الملبس والهيئة والكلام وغيرها وذلك يدل على محبة المتشبه به، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - (من تشبه بقوم فهو منهم).
فيحرم التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم من عاداتهم، وعباداتهم، وسمتهم وأخلاقهم، كحلق اللحى، وإطالة الشوارب، والرطانة بلغتهم إلا عند الحاجة، وفي هيئة اللباس، والأكل والشرب وغير ذلك.
ـ الإقامة في بلادهم بغير حاجة ولا ضرورة، ولهذا فإن المسلم المستضعف الذي لا يستطيع إظهار شعائر دينه تحرم عليه الإقامة بين الكفار إذا كان يقدر على الهجرة، قال - تعالى -: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً. إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً. فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً}.
فلم يعذر الله في الإقامة في بلاد الكفار إلا المستضعفين الذين لا يستطيعون الهجرة. وكذلك من كان في إقامته مصلحة دينية كالدعوة إلى الله ونشر الإسلام في بلادهم.
فالإقامة بين ظهرانيهم محرمة لغير ضرورة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أنا بريء ممن أقام بين ظهراني المشركين ).
ـ السفر إلى بلادهم لغرض النزهة ومتعة النفس: أمّا الذّهاب لحاجة شرعية - كالعلاج والتجارة وتعلّم التخصصات النافعة التي لا يمكن الحصول عليها إلا بالسفر إليهم - فيجوز بقدر الحاجة، وإذا انتهت الحاجة وجب الرجوع إلى بلاد المسلمين.
ويشترط للذّاهب في هذه الحالة أن يكون معه علم يدفع به الشبهات وإيمان يدفع به الشهوات وأن يكون مُظهِراً لدينه معتزاً بإسلامه مبتعداً عن مواطن الشر، حذِراً من دسائس الأعداء ومكائدهم، وكذلك يجوز السفر أو يجب إلى بلادهم إذا كان لأجل الدعوة إلى الله ونشر الإسلام.
ـ مدحهم والذبّ عنهم والإشادة بما هم عليه من المدنية والحضارة والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم دون نظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد. قال - تعالى -: {ولا تمدن عينيك إلى ما متَّعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربِّك خيرٌ وأبقى}.
وكذلك تعظيمهم وإطلاق ألقاب التفخيم عليهم والبدء بتحيتهم وتقديمهم في المجالس وفي المرور في الطرقات، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلا النَّصَارَى بِالسَّلامِ فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ ". رواه مسلم 4030
ـ ترك تاريخ المسلمين والتأريخ بتأريخهم واعتماده خصوصاً التاريخ الذي يعبر عن طقوسهم وأعيادهم كالتاريخ الميلادي، وهو عبارة عن ذكرى مولد المسيح - عليه السلام -، والذي ابتدعوه من أنفسهم وليس هو من دين المسيح - عليه السلام -، فاستعمال هذا التاريخ فيه مشاركة في إحياء شعارهم وعيدهم.
ولتجنب هذا لما أراد الصحابة - رضي الله عنهم - وضْع تاريخ للمسلمين في عهد الخليفة عمر - رضي الله عنه - عدلوا عن تواريخ الكفار وأرخوا بهجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - مما يدل على وجوب مخالفة الكفار في هذا وفي غيره مما هو من خصائصهم ـ والله المستعان.
ـ مشاركتهم في أعيادهم أو مساعدتهم في إقامتها أوتهنئتهم بمناسبتها أو حضور أماكنها.
وقد فُسَّر الزور في قوله - تعالى -: {والذين لا يشهدون الزور} بأعياد الكفار.
ـ التسمي بأسمائهم المُنكَرة، وقد غيّر النبي - صلى الله عليه وسلم - الأسماء الشركية كعبد العزّى وعبد الكعبة.
ـ الاستغفار لهم والترحم عليهم: قال الله - تعالى -: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم).
فهذه طائفة من الأمثلة التي توضّح قاعدة تحريم موالاة الكفّار، نسأل الله سلامة العقيدة وقوّة الإيمان والله المستعان.
الحمد لله
نعم الأمثلة توضّح المقصود وتجلّيه ولذلك ننتقل إليها مباشرة وننقل بعضا من أهمّ ما ذكره أهل العلم وأئمة الدّعوة من صور الموالاة الكفار:
ـ الرضا بكفرهم أو الشك فيه أو الامتناع عن تكفيرهم أو الإقدام على مدح دينهم قال الله - تعالى -عن كفر الراضي: (ولكن من شرح بالكفر صدرا). وقال - تعالى -موجبا ومشترطا الكفر بالطاغوت: (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى). وقال عن اليهود في تفضيلهم المشركين على المسلمين: (ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا).
ـ التحاكم إليهم: كما في قوله - تعالى -: (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أُمروا أن يكفروا به)
ـ مودتهم ومحبتهم، قال - تعالى -: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادُّون من حاد الله ورسوله..الآية)
ـ الركون إليهم والاعتماد عليهم وجعلهم سندا وظهيرا، قال - تعالى -: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار).
ـ إعانتهم ومناصرتهم على المسلمين.قال الله - تعالى -: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) وقال عن الكفار: (بعضهم أولياء بعض). وقال: (ومن يتولّهم منكم فإنه منهم).
ـ الانخراط في مجتمعاتهم والانضمام إلى أحزابهم وتكثير سوادهم والتجنُّس بجنسياتهم (لغير ضرورة) والخدمة في جيوشهم والعمل على تطوير أسلحتهم.
ـ نقل قوانينهم وتحكيمها في بلاد المسلمين، قال - تعالى -: (أَفَحُكم الجاهلية يبغون)
ـ التولي العام لهم واتخاذهم أعوانا وأنصارا وربط المصير بهم، قال الله - تعالى -ناهيا عن ذلك (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. بعضهم أولياء بعض).
ـ مداهنتهم ومجاملتهم على حساب الدين، قال - تعالى -: (ودوا لو تدهن فيدهنون). ويدخل في ذلك مجالستهم والدخول عليهم وقت استهزائهم بآيات الله، قال الله - تعالى -: (وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُسْتهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم).
ـ الثقة بهم واتخاذهم بطانة من دون المؤمنين وجعلهم مستشارين. قال - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودُّوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون. ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضُّوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور. إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها}
وعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ بَدْرٍ فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَأَوْهُ فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جِئْتُ لأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ لا قَالَ فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ قَالَتْ ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ قَالَ فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ قَالَ ثُمَّ رَجَعَ فَأَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَانْطَلِقْ. " رواه مسلم 3388.
ومن هذه النصوص يتبين لنا تحريم تولية الكفار الأعمال التي يتمكنون بواسطتها من الاطلاع على أحوال المسلمين وأسرارهم ويكيدون لهم بإلحاق الضرر بهم.
ـ توليتهم المناصب الإدارية التي يرأسون بها المسلمين ويذلونهم ويتحكمون في رقاب الموحدين ويحولون بينهم وبين أدائهم عباداتهم. قال الله - تعالى -(ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا)، وروى الإمام أحمد عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قلت لعمر - رضي الله عنه -: لي كاتب نصراني، قال: مالك قاتلك الله، أما سمعت قول الله - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض} (المائدة: 51) ألا اتخذت حنيفاً، قلت يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه، قال: لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله.
وكذلك جعلهم في بيوت المسلمين يطلعون على العورات ويربون أبناء المسلمين على الكفر ومن هذا ما وقع في هذا الزمان من استقدام الكفار إلى بلاد المسلمين وجعلهم عمالاً وسائقين ومستخدمين، ومربين في البيوت وخلطهم مع العوائل والأسر المسلمة.
وكذلك ضمّ الأولاد إلى المدارس الكفرية والمعاهد التبشيرية والكليات والجامعات الخبيثة وجعلهم يسكنون مع عوائل الكفار.
ـ التشبه بالكافرين في الملبس والهيئة والكلام وغيرها وذلك يدل على محبة المتشبه به، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - (من تشبه بقوم فهو منهم).
فيحرم التشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم من عاداتهم، وعباداتهم، وسمتهم وأخلاقهم، كحلق اللحى، وإطالة الشوارب، والرطانة بلغتهم إلا عند الحاجة، وفي هيئة اللباس، والأكل والشرب وغير ذلك.
ـ الإقامة في بلادهم بغير حاجة ولا ضرورة، ولهذا فإن المسلم المستضعف الذي لا يستطيع إظهار شعائر دينه تحرم عليه الإقامة بين الكفار إذا كان يقدر على الهجرة، قال - تعالى -: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً. إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً. فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً}.
فلم يعذر الله في الإقامة في بلاد الكفار إلا المستضعفين الذين لا يستطيعون الهجرة. وكذلك من كان في إقامته مصلحة دينية كالدعوة إلى الله ونشر الإسلام في بلادهم.
فالإقامة بين ظهرانيهم محرمة لغير ضرورة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أنا بريء ممن أقام بين ظهراني المشركين ).
ـ السفر إلى بلادهم لغرض النزهة ومتعة النفس: أمّا الذّهاب لحاجة شرعية - كالعلاج والتجارة وتعلّم التخصصات النافعة التي لا يمكن الحصول عليها إلا بالسفر إليهم - فيجوز بقدر الحاجة، وإذا انتهت الحاجة وجب الرجوع إلى بلاد المسلمين.
ويشترط للذّاهب في هذه الحالة أن يكون معه علم يدفع به الشبهات وإيمان يدفع به الشهوات وأن يكون مُظهِراً لدينه معتزاً بإسلامه مبتعداً عن مواطن الشر، حذِراً من دسائس الأعداء ومكائدهم، وكذلك يجوز السفر أو يجب إلى بلادهم إذا كان لأجل الدعوة إلى الله ونشر الإسلام.
ـ مدحهم والذبّ عنهم والإشادة بما هم عليه من المدنية والحضارة والإعجاب بأخلاقهم ومهاراتهم دون نظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد. قال - تعالى -: {ولا تمدن عينيك إلى ما متَّعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربِّك خيرٌ وأبقى}.
وكذلك تعظيمهم وإطلاق ألقاب التفخيم عليهم والبدء بتحيتهم وتقديمهم في المجالس وفي المرور في الطرقات، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلا النَّصَارَى بِالسَّلامِ فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ ". رواه مسلم 4030
ـ ترك تاريخ المسلمين والتأريخ بتأريخهم واعتماده خصوصاً التاريخ الذي يعبر عن طقوسهم وأعيادهم كالتاريخ الميلادي، وهو عبارة عن ذكرى مولد المسيح - عليه السلام -، والذي ابتدعوه من أنفسهم وليس هو من دين المسيح - عليه السلام -، فاستعمال هذا التاريخ فيه مشاركة في إحياء شعارهم وعيدهم.
ولتجنب هذا لما أراد الصحابة - رضي الله عنهم - وضْع تاريخ للمسلمين في عهد الخليفة عمر - رضي الله عنه - عدلوا عن تواريخ الكفار وأرخوا بهجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - مما يدل على وجوب مخالفة الكفار في هذا وفي غيره مما هو من خصائصهم ـ والله المستعان.
ـ مشاركتهم في أعيادهم أو مساعدتهم في إقامتها أوتهنئتهم بمناسبتها أو حضور أماكنها.
وقد فُسَّر الزور في قوله - تعالى -: {والذين لا يشهدون الزور} بأعياد الكفار.
ـ التسمي بأسمائهم المُنكَرة، وقد غيّر النبي - صلى الله عليه وسلم - الأسماء الشركية كعبد العزّى وعبد الكعبة.
ـ الاستغفار لهم والترحم عليهم: قال الله - تعالى -: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم).
فهذه طائفة من الأمثلة التي توضّح قاعدة تحريم موالاة الكفّار، نسأل الله سلامة العقيدة وقوّة الإيمان والله المستعان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق